العطش يهدد مخيم الفارعة وسلطة المياه تدير ظهرها لمطالب السكان

مخيم الفارعة – طوباس
مخيم الفارعة مخيم للاجئين الفلسطينيين، يبلغ تعداد سكانه حوالي 6 آلاف لاجئ.. ويقع على بعد 17 كم شمالي مدينة نابلس و 5 كيلومترات جنوبي مدينة طوباس.. أقيم في العام 1949 على يد منظمة الصليب الأحمر الدولي، ومن ثما وفي العام 1950 تولت وكالة الغوث الإشراف عليه، وقد اختير موقعه بعناية ليكون بالقرب من نبع ماء كبير، كان يتدفق ومنذ مئات بل وآلاف السنين بغزارة، لتصل مياهه قوية إلى نهر الأردن.. كان المبرر الأساسي لإقامة المخيم في هذه المنطقة هو وجود المياه، وبالتالي لتامين فرص عمل في الزراعة للاجئين سكان المخيم..
وقد التزمت وكالة الغوث ومنذ البداية بتامين حاجات السكان من المياه لأغراض الشرب، ولهذا الغرض أقامت مضخة مياه بجوار نبع الماء، لتضخ المياه إلى مجموعة من الحنفيات العمومية الموزعة على حارات المخيم، ومن تلك الحنفيات كان سكان المخيم-- ولمدة 3 ساعات يوميا-- ينقلون المياه إلى بيوتهم، ويملئوا براميل خاصة كخزانات لاستخدامات المنزل.. وفي العام 1974 أقيم في المخيم أول شبكة مياه، وصارت المياه تصل إلى منازل السكان مباشرة، حيث صارت وكالة الغوث تضخ المياه وعبر مضختها الموجودة على نبع الماء الرئيسي لمدة 8 ساعات في اليوم.. وكان ذلك في حينها كافيا.. ومع تزايد أعداد السكان وازدياد احتياجاتهم المائية، لم تعد مدة أل 8 ساعات كافية، وبدأت اللجنة الشعبية التي تأسست في المخيم في أوائل تسعينات القرن الماضي-- وبعد أن رفضت الوكالة زيادة ساعات ضخ المياه-- بدأت اللجنة ضخ ساعات إضافية عبر مضخة اكبر، وضعتها أيضا بجانب النبع..
وهكذا عاش المخيم ببحبوحة كبيرة ومميزة في مجال مياه الشرب، ولم يكن هناك مشكلة تذكر، كون مصدر المياه كافيا، وتتدفق منه المياه بشكل ممتاز لتروي سكان المخيم، ولتخدم الأراضي الزراعية الواقعة على جوانب مجراه.. لكن المشكلة بدأت تتفاقم مع قدوم السلطة الوطنية، وحين تحولت منطقة الفارعة إلى منطقة ( ا )، حيث السلطة المدنية والأمنية بيد الفلسطينيين أنفسهم-- مع بقاء السيطرة على مصادر المياه الجوفية بأيدي المحتلين.. وفي تلك المرحلة قام الفلاحون أصحاب الأراضي المجاورة بحفر عشرات الآبار الارتوازية، بغرض توسيع مساحة الأراضي المروية، ومن اجل تحقيق مردود اقتصادي كبير وسريع من الزراعة.. وقد أدى حفر عدد كبير من الآبار الارتوازية إلى تراجع حجم المياه المتدفق من النبع الرئيسي، وبالتالي اخذ النبع يعاني وسنويا من أخطار الجفاف.. وهو الأمر الذي اثر بشكل مباشر على كمية المياه التي تصل إلى مخيم الفارعة، وبدأت تظهر سنويا أزمة في مياه الشرب..
ولغرض سد احتياجات المخيم من المياه، قامت اللجنة الشعبية للخدمات في المخيم، وبواسطة عدد من خبراء المياه الفلسطينيين المعروفين، بالبحث عن أحواض جديدة للمياه الجوفية، داخل الأراضي المستأجرة من قبل وكالة الغوث للمخيم، وبالفعل وجد الخبراء حوض ماء كبير في احد المواقع، وأفادوا بان هذا الحوض منفصل تماما عن الحوض الذي يغذي نبع الفارعة الرئيسي.. وقد توجهت اللجنة الشعبية للمخيم إلى سلطة المياه الفلسطينية بغرض الحصول على تصريح وترخيص لحفر بئر مياه لخدمة سكان المخيم.. وهو التصريح الهام جدا والضروري بالنسبة للجنة المخيم-- كي تتمكن من الحصول على دعم مالي من بعض الجهات لتمويل أعمال الحفر-- لكن سلطة المياه الفلسطينية رفضت مطلب لجنة المخيم، وأصرت على رفضها رغم تفاقم أزمة المياه في المخيم إلى حد خطير..

والمفارقة العجيبة هي-- أن سلطة المياه التي صمتت عن فوضى حفر الآبار في المنطقة، ولم تقم بدورها في تنظيم حفر الآبار بأعدادها، وأعماقها، وساعات الضخ منها، وكمية المياه التي تضخ في الساعة الواحدة.. وهو ما يجعلها شريكة في جفاف نبع الفارعة التاريخي، الذي لم يتسبب فقط بعطش المخيم-- وإنما اثر بشكل ملموس على الزراعة والبيئة في عموم منطقة مجرى المياه، وفي ما يسمى بمنطقة غور الفارعة بأكمله.. رغم كل ذلك لم تتجاوب سلطة المياه الفلسطينية مع مطالب سكان المخيم، الذين يتهددهم العطش، ولا يجدون الوسيلة التي تؤمن لهم احتياجاتهم الأساسية من الماء..
ولهذا الأمر يتوجه سكان مخيم الفارعة إلى كل الجهات المعنية-- من مجلس للوزراء، ومجلس تشريعي، ومحافظي المناطق المجاورة، كي يتدخلوا لدى سلطة المياه-- لإقناعها أو الطلب منها-- منح سكان مخيم الفارعة رخصة حفر بئر ماء ارتوازي لأغراض الشرب، وبالتالي حل مشكلة المياه في مخيم الفارعة جذريا وإلى الأبد..
مخيم الفارعة – 23/4/2007

» شهداء مخيم الفارعه
» شهداء مخيم الفارعه